فهم ستاندرد آند بورز: الأساس الذي تقوم عليه التصنيفات المالية

فهم ستاندرد آند بورز: الأساس الذي تقوم عليه التصنيفات المالية

فهم ستاندرد آند بورز: الأساس الذي تقوم عليه التصنيفات المالية

فهم ستاندرد آند بورز: في عالم المال المعقد، حيث تتحرك الأسواق بسرعة وتتنافس المؤسسات المالية على الثقة والمصداقية، تبرز ستاندرد آند بورزS&P) (كواحدة
من أكثر الجهات تأثيرًا في النظام المالي العالمي. تمثل تصنيفاتها معيارًا حاسمًا لتقييم الجدارة الائتمانية للدول والشركات، وتساعد المستثمرين
على اتخاذ قرارات مبنية على تحليل دقيق للمخاطر.

نشأة ستاندرد آند بورز وتطورها التاريخي

تعود جذور ستاندرد آند بورز إلى القرن التاسع عشر، حين بدأ هنري فارنوم بورز بإصدار كتيبات مالية تحتوي على بيانات عن شركات
السكك الحديدية في الولايات المتحدة. في عام 1941، اندمجت شركته مع "ستاندرد ستاتيستيكس" لتشكّل الكيان المعروف اليوم باسم "ستاندرد
آند بورز". منذ ذلك الحين، أصبحت المؤسسة رمزًا للشفافية والتحليل المالي، خاصة بعد أن بدأت في تصنيف السندات الحكومية والشركات
الكبرى.
مع مرور العقود، توسعت أنشطتها لتشمل تقييم المخاطر المالية للدول، وتقديم مؤشرات أسواق الأسهم مثل S&P 500، الذي يُعد من أكثر
المؤشرات متابعة في العالم. هذا المؤشر يعكس الأداء العام لاقتصاد الولايات المتحدة من خلال تتبع أداء أكبر 500 شركة مدرجة في
البورصة الأمريكية.

الهدف من تصنيفات ستاندرد آند بورز

تتمثل المهمة الأساسية لستاندرد آند بورز في توفير تقييم مستقل للجدارة الائتمانية للمُصدِرين، سواء كانوا حكومات أو مؤسسات مالية أو
شركات. هذه التصنيفات تمكّن المستثمرين من قياس احتمالية التخلّف عن السداد، وبالتالي تحديد العائد المطلوب لتعويض المخاطر
المحتملة. على سبيل المثال، عندما تمنحS&P تصنيفًا بدرجة AAA، فهذا يشير إلى قدرة عالية جدًا على الوفاء بالالتزامات المالية، بينما يشير
تصنيف BB أو أقل إلى مخاطر أعلى واحتمال ضعف في السداد.
الجدير بالذكر أن تصنيفاتS&P لا تُعد توصية بالشراء أو البيع، بل هي تقييم تحليلي يعتمد على البيانات المالية، والظروف الاقتصادية،
وإدارة المخاطر، والسياسات الحكومية.

كيفية تحديد التصنيفات الائتمانية

تعتمد عملية التصنيف على تحليل شامل يجمع بين المنهج الكمي والنوعي. يقوم المحللون في ستاندرد آند بورز بمراجعة البيانات المالية
المفصّلة للشركات أو الحكومات، مثل نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، أو نسب السيولة، أو تدفقات النقد. إلى جانب ذلك، يُؤخذ في
الاعتبار المناخ السياسي والاقتصادي العام ومدى استقرار النظام القانوني والتنظيمي في الدولة المعنية.
بعد هذه المراجعة، تُصدر لجنة متخصصة قرار التصنيف بناءً على توافق داخلي، ثم تتابعS&P بشكل دوري أي تغييرات اقتصادية قد
تستدعي تعديل التصنيف، سواء بالرفع أو الخفض. هذه الديناميكية تضمن أن تظل التقييمات مواكبة للظروف الراهنة في السوق.

الدور المحوري لستاندرد آند بورز في الأسواق المالية

لا يمكن المبالغة في أهميةS&P بالنسبة للمستثمرين وصناع القرار المالي. تصنيفاتها تؤثر مباشرة على تكلفة الاقتراض، إذ إن الدول أو
الشركات ذات التصنيفات المنخفضة تضطر إلى دفع فوائد أعلى لجذب المستثمرين. كما تُستخدم التصنيفات كمرجع أساسي في عقود
المشتقات، وإدارة المحافظ الاستثمارية، وتنظيم السياسات النقدية.
علاوة على ذلك، تساعد مؤشراتS&P مثلS&P 500 وS&P Global Ratings المستثمرين في قياس أداء الأسواق المختلفة ومقارنة
الاستثمارات عبر المناطق والقطاعات. ومن خلال أدواتها التحليلية، أصبحت الشركة مرجعًا لا غنى عنه في تقييم المخاطر العالمية.
في هذا السياق، يمكن القول إن ستاندرد آند بورز تمثل العمود الفقري لنظام التصنيف المالي الحديث، إذ تمنح الأسواق إطارًا موضوعيًا لتحديد
مستوى الثقة في الجهات المُصدِرة للديون.

الانتقادات والمخاوف المرتبطة بتصنيفات S&P

رغم مكانتها المرموقة، لم تسلم ستاندرد آند بورز من الانتقادات، خصوصًا بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008، حين اتُهمت وكالات
التصنيف – بما في ذلكS&P – بالمبالغة في تقييم بعض الأدوات المالية المعقدة. دفعت هذه التجربة إلى تعزيز القواعد الرقابية، ورفع معايير
الشفافية، وتوسيع الإفصاحات عن المنهجيات المستخدمة في التصنيف.
ورغم تلك التحديات، ظلتS&P تتصدر المشهد كواحدة من "الثلاث الكبار" إلى جانب موديز وفيتش، ولا يزال المستثمرون يعتمدون على
تقييماتها باعتبارها مرجعًا أساسياً لتقدير المخاطر.

التأثير العالمي وتوجهات المستقبل

اليوم، تُعتبر ستاندرد آند بورز لاعبًا رئيسيًا في الاقتصاد العالمي، حيث تمتد تصنيفاتها إلى أكثر من 100 دولة. ومع تطور الأسواق وتنامي
المخاطر غير التقليدية مثل التغير المناخي أو الأمن السيبراني، بدأت الشركة في تطوير منهجيات جديدة تأخذ في الحسبان هذه العوامل في
تقييم الجدارة الائتمانية.
كما أن التحول نحو التمويل المستدام جعل من الضروري إدماج معايير البيئة والمجتمع والحوكمةESG) (في التصنيفات المستقبلية، ما يعكس
اتجاهًا عالميًا نحو شفافية أكبر ومسؤولية مالية أوسع نطاقًا.

شاهد أيضا:

عن المؤلف

admin

اترك تعليقًا